كان من البديهيات الأولية عدم اجتماع اليقين والشك في شئ واحد (1)، بل ولا الظن والشك أيضا (2)، فلا يمكن حمل اللفظ على ظاهره " فعنى عدم جواز نقض اليقين بالشك عدم جواز نقض حكم اليقين، وفيما كان حكم الوضوء في حال تيقنه هو جواز الدخول في الصلاة مثلا لا يجوز نقضه بالشك في الوضوء.
ثم إنك إذا تأملت في فقه الحديث تعلم أن نظر الإمام عليه السلام إلى نفي تحقق النوم في الخارج ليس أقل من نظره إلى إثبات الطهارة (3). وتوجهه عليه السلام إلى بيان ما به يتحقق النوم وغلبته باستيلائه على القلب والاذن دون العين فقط، يفيد أنه عليه السلام اعتبر اليقين في الأمور الخارجية أيضا، وإن كان من أسباب الأمور الشرعية فلا وجه للقول بتخصيص دلالة الحديث باستصحاب الأحكام الشرعية دون الخارجية، لان ذلك إنما هو من شأنهم عليهم السلام، ومن قبيل حصول النوم في الخارج حصول الجفاف والرطوبة وأمثال ذلك مما يتعلق بها الأحكام الشرعية.
وأما ما ذكره المحقق الخوانساري رحمه الله من أن الرواية لا تدل إلا على ما ثبت استمراره إلى غاية من جهة الشرع، تمسكا بأن المراد من عدم نفي اليقين بالشك هو عدم النقض عند التعارض، ومعنى التعارض هو أن يكون الشئ موجبا لليقين لولا الشك " (4).