نرى أغلب الأحكام الشرعية مستمرة بسبب دليلها الأول، بمعنى أنه ليس أحكامه آنية مختصة بآن الصدور، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الأول من دون دلالة الحكم الأول على الاستمرار، وإذا رأينا منه في مواضع غير عديدة أنه اكتفى حين إبداء الحكم بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه، ثم علمنا أن مراده كان من الامر الأول الاستمرار، فيحكم فيما لم يظهر مراده من الاستمرار وعدمه بالاستمرار (1)، ونقول: إن مراده هنا - أيضا - من الامر، الاستمرار الحاقا بالأغلب، فقد حصل الظن بالدليل، وهو قول الشارع بالاستمرار.
وكذلك الكلام في موضوعات الاحكام من الأمور الخارجية، فإن غلبة البقاء يورث الظن القوي ببقاء ما هو مجهول الحال (2)، ولما لم يمكن وجود الممكن إلا بوجود علته التامة، فيعلم أن غالب الموجودات المستمر علتها موجودة، إما بكون علة الوجود هي علة البقاء - على حسب معتاد المعلولات -، أو بتجدد العلة للبقاء، بل يمكن أن يقال ذلك قي الحكم الشرعي - أيضا -، فإنه كما يمكن أن يكون علة البقاء هو الامر الأول وكانت القرائن الخارجية كاشفة عنه، يمكن أن يكون علة الاستمرار شيئا آخر وهو نفس القرائن الخارجية من تنصيص آخر أو اجماع على الاستمرار، أو نحو ذلك.
والحاصل: أن العمدة هو إثبات الظن بالبقاء في كل ما ثبت وقد أثبتناه من الضرورة والوجدان، ومنكره مكابر، ولا يهمنا إثبات السبب