قوله تعالى: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) قال ابن الأنباري: أراد بالخزائن: علم الغيب المطوي عن الخلق، لأنهم قالوا له: إنما اتبعك هؤلاء في الظاهر وليسوا معك، فقال لهم: ليس عندي خزائن غيوب الله فأعلم ما تنطوي عليه الضمائر. وإنما قيل للغيوب: خزائن، لغموضها عن الناس واستتارها عنهم. قال سفيان بن عيينة: إنما آيات القرآن خزائن، فإذا دخلت خزانة فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها.
قوله تعالى: (ولا أعلم الغيب) قيل: إنما قال لهم هذا، لأن أرضهم أجدبت، فسألوه:
متى يجئ المطر؟ وقل: بل سألوه: متى يجئ العذاب؟ فقال: ولا أعلم الغيب، وقوله (عز وجل): (ولا أقول إني ملك) جواب لقولهم: (ما نراك إلا بشرا مثلنا). (ولا أقول للذين تزدري أعينكم) أي: تحتقر وتستصغر المؤمنين. قال الزجاج: (تزدري) تستقل وتستخس، يقال: زريت على الرجل: إذا عبت عليه وخسست فعله، وأزريت به: إذا قصرت به. وأصل تزدري: تزتري، إلا أن هذه التاء تبدل بعد الزاي دالا، لأن التاء من حروف الهمس، وحروف الهمس خفية، فالتاء بعد الزاي تخفى، فأبدلت منها الدال لجهرها.
قوله تعالى: (لن يؤتيهم الله خيرا) قال ابن عباس: إيمانا. ومعنى الكلام: ليس لي أن أطلع على ما في نفوسهم فأقطع عليهم بشئ، وليس لاحتقاركم إياهم يبطل أجرهم. (إني إذا لمن الظالمين) إن قلت هذا الذي تقدم ذكره، وقيل: إن طردتهم.
قوله تعالى: (قد جادلتنا) قال الزجاج: الجدال: هو المبالغة في الخصومة والمناظرة، وهو مأخوذ من الجدل، وهو شدة الفتل، ويقال للصقر: أجدل، لأنه من أشد الطير. ويقرأ (فأكثرت عن جدالنا).
قوله تعالى: (فائتنا بما تعدنا) قال ابن عباس: يعنون العذاب. (إن كنت من الصادقين) أنه يأتينا.
قوله تعالى: (إن أردت أن أنصح لكم) أي: أنصحكم. وفي هذه الآية شرطان: فجواب الأول: النصح، وجواب الثاني: النفع.
قوله تعالى: (إن كان الله يريد أن يغويكم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يضلكم، قاله ابن عباس.
والثاني: يهلككم، حكاه ابن الأنباري. وقال: هو قول مرغوب عنه.
الثالث: يضلكم ويهلككم، قاله الزجاج.