أحدها: أن المعنى: ما نرى أتباعك إلى سفلتنا وأرذالنا في بادي الرأي لكل ناظر، يعنون أن ما وصفناهم به من النقص لا يخفى على أحد فيخالفنا، هذا مذهب مقاتل في آخرين.
والثاني: أن المعنى: أن هؤلاء القوم اتبعوك في ظاهر ما يرى منهم، وطويتهم على خلافك.
والثالث: أن المعنى: اتبعوك في ظاهر رأيهم، ولم يتدبروا ما قلت، ولو رجعوا إلى التفكر لم يتبعوك، ذكر هذين القولين الزجاج. قال ابن الأنباري: وهذه الثلاثة الأقوال على قراءة من لم يهمز، لأنه من بدا، يبدو: إذا ظهر. فأما من همز (بادئ) فمعناه: ابتداء الرأي، أي: اتبعوك أول ما ابتدؤوا ينظرون، ولو فكروا لم يعدلوا عن موافقتنا في تكذيبك.
قوله تعالى: (وما نرى لكم علينا من فضل) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: من فضل في الخلق، قاله ابن عباس.
والثاني: في الملك والمال ونحو ذلك، قاله مقاتل.
والثالث: ما فضلتم باتباعكم نوحا، ومخالفتكم لنا بفضيلة نتبعكم طلبا لها، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: (بل نظنكم كاذبين) فيه قولان:
أحدهما: نتيقنكم، قاله الكلبي.
والثاني: نحسبكم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) أي: على يقين وبصيرة. قال ابن الأنباري: وقوله: (إن كنت) شرط لا يوجب شكا يلحقه، لكن الشك يلحق المخاطبين من أهل الزيغ، فتقديره: إن كنت على بينة من ربي عندكم. (وآتاني رحمة من عنده) فيها قولان:
أحدهما: أنها النبوة، قاله ابن عباس.
والثاني: الهداية، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (فعميت عليكم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: (فعميت) بتخفيف الميم وفتح العين. قال ابن قتيبة: والمعنى: عميتم عنها، يقال: عمي علي هذا الأمر: إذا لم أفهمه، وعميت عنه بمعنى. قال الفراء: وهذا مما حولت العرب الفعل إليه، وهو في الأصل لغيره، كقولهم: دخل الخاتم في يدي، والخف في رجلي، وإنما الإصبع تدخل في الخاتم، والرجل في الخف، واستجازوا ذلك إذ كان المعنى معروفا. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: (فعميت) بضم العين وتشديد الميم. قال ابن الأنباري: ومعنى ذلك: فعماها الله عليكم إذ كنتم ممن حكم عليه بالشقاء. وكذلك قرأ أبي بن كعب، والأعمش: (فعماها عليكم).