أحدهما: أنهم فرعون وقومه، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: الذين يستعجلون القضاء قبل مجيئه، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
فإن قيل: كيف جاز أن يدعو موسى على قومه؟
فالجواب: أن بعضهم يقول: كان ذلك بوحي، وهو قول صحيح، لأنه لا يظن بنبي أن يقدم على مثل ذلك إلا عن إذن من الله عز وجل، لأن دعاءه سبب للانتقام.
قوله تعالى: (فأتبعهم فرعون وجنوده) قال أبو عبيدة: أتبعهم وتبعهم سواء. وقال ابن قتيبة: أتبعهم: لحقهم. (بغيا وعدوا) أي: ظلما. وقرأ الحسن (فأتبعهم) بالتشديد، وكذلك شددوا (عدوا) مع ضم العين.
قوله تعالى: (إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر (أنه) بفتح الألف، والمعنى: آمنت بأنه، فلما حذف حرف الجر، وصل الفعل إلى (أن) فنصب. وقرأ حمزة والكسائي (إنه) بكسر الألف، فحملوه على القول المضمر، كأنه قال: آمنت، فقلت: إنه. قال ابن عباس: لم يقبل الله إيمانه عند رؤية العذاب. قال ابن الأنباري: جنح فرعون إلى التوبة حين أغلق بابها لحضور الموت ومعاينة الملائكة، فقيل له:
(آلآن) أي: الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها، وكنت من المفسدين بالدعاء إلى عبادة غير الله تعالى؟ والمخاطب له بهذا كان جبريل عليه السلام. وجاء في الحديث أن جبريل جعل يدس الطين في فم فرعون خشية أن يغفر له. قال الضحاك بن قيس: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس عليه السلام كان عبدا صالحا، وكان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت سأل الله، فقال الله: (فلولا أنه من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) وإن فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا لذكر الله (تعالى)، فلما أدركه الغرق قال: آمنت، فقال الله: آلآن وقد عصيت قبل).
قوله تعالى: (فاليوم ننجيك) وقرأ يعقوب (ننجيك) مخففة. قال اللغويون، منهم يونس وأبو عبيدة: نلقيك على نجوة من الأرض، أي: ارتفاع، ليصير علما أنه قد غرق. وقرأ ابن السميفع (ننحيك) بحاء. وفي سبب إخراجه من البحر بعد غرقه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن موسى وأصحابه لما خرجوا، قال من بقي من المدائن من قوم فرعون: ما أغرق