والثالث: أنها لام الدعاء، والمعنى: ربنا ابتلاهم بالضلال عن سبيلك، ذكره ابن الأنباري.
والرابع: أنها لام أجل، فالمعنى: آتيتهم لأجل ضلالتهم عقوبة منك، ومثله قوله:
(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم) أي: لأجل إعراضكم، حكاه بعض المفسرين. وقرأ أهل الكوفة إلا المفضل، وزيد، وأبو حاتم عن يعقوب: (ليضلوا) بضم الياء، اي: ليضلوا غيرهم.
قوله تعالى: (ربنا اطمس) روى الحلبي عن عبد الوارث: (اطمس) بضم الميم، (على أموالهم) وفيه قولان:
أحدهما: أنها جعلت حجارة، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والضحاك، وأبو صالح، والفراء. وقال القرظي: جعل سكرهم حجارة. وقال ابن زيد: صار ذهبهم ودراهمهم الله وعدسهم وكل شئ لهم حجارة. وقال مجاهد: مسخ الله النخل والثمار والأطعمة حجارة، فكانت إحدى الآيات التسع. وقال الزجاج: تطميس الشئ: إذهابه عن صورته والانتفاع به على الحال الأولى التي كان عليها.
والثاني: أنها هلكت، فالمعنى: أهلك أموالهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، ومنه يقال: طمست عينه، أي: ذهبت، وطمس الطريق: إذا عفا ودرس.
وفي قوله: (واشدد على قلوبهم) أربعة أقوال:
أحدها: اطبع عليها، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مقاتل، والفراء، والزجاج.
والثاني: أهلكهم كفارا، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثالث: اشدد عليها بالضلالة، قاله مجاهد.
والرابع: أن معناه: قس قلوبهم، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: (فلا يؤمنوا) فيه قولان:
أحدهما: أنه دعاء عليهم أيضا، كأنه قال: اللهم فلا يؤمنوا، قاله الفراء. وأبو عبيدة، والزجاج. وقال ابن الأنباري: معناه: فلا آمنوا، قال الأعشى:
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى * ولا تلقني إلا وأنفك راغم معناه: لا أنبسط، ولا لقيتني.
والثاني: أنه عطف على قوله: (ليضلوا عن سبيلك)، فالمعنى: أنك آتيتهم ليضلوا فلا يؤمنوا،