قوله تعالى: (من السماوات) يعني: المطر، (و) من (الأرض) النبات، والثمر.
قوله تعالى: (شيئا) قال الأخفش: جعل " شيئا " بدلا من الرزق، والمعنى: لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا، (ولا يستطيعون) أي: لا يقدرون على شئ. قال الفراء: وإنما قال في أول الكلام: " يملك " وفي آخره: " يستطيعون "، لأن " ما " في مذهب: جمع لآلهتهم، فوحد " يملك " على لفظ " ما " وتوحيدها، وجمع في " يستطيعون " على المعنى، كقوله: (ومنهم من يستمعون إليك).
قوله تعالى: (فلا تضربوا لله الأمثال) أي: لا تشبهوه بخلقه، لأنه لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شئ، فالمعنى: لا تجعلوا له شريكا. وفي قوله: (إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) أربعة أقوال:
أحدها: يعلم ضرب المثل، وأنتم لا تعلمون ذلك، قاله ابن السائب.
والثاني: يعلم أنه ليس له شريك، وأنتم لا تعلمون أنه ليس له شريك، قاله مقاتل.
والثالث: يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه.
والرابع: يعلم ما كان ويكون، وأنتم لا تعلمون قدر عظمته حين أشركتم به ونسبتموه إلى العجز عن بعث خلقه.
* ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (75) وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (76) قوله تعالى: (ضرب الله مثلا) أي: بين شبها فيه بيان المقصود، وفيه قولان:
أحدهما: أنه مثل للمؤمن والكافر. فالذي (لا يقدر على شئ) هو الكافر، لأنه لا خير عنده، وصاحب الرزق هو المؤمن، لما عنده من الخير هذا قول عباس، وقتادة.
والثاني: أنه مثل ضربه الله تعالى لنفسه وللأوثان، لأنه مالك كل شئ، وهي لا تملك شيئا، هذا قول مجاهد، والسدي. وذكر في التفسير أن هذا المثل ضرب بقوم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم قولان: