والثاني: أن " هل " بمعنى " قد " ذكره بعض أهل التفسير.
فإن قيل: فالذي فعلوا بيوسف معلوم، فما الذي فعلوا بأخيه، وما سعوا في حبسه ولا أرادوه؟
فالجواب من وجوه:
أحدها: أنهم فرقوا بينه وبين يوسف، فنغصوا عيشه بذلك.
والثاني: أنهم آذوه بعد فقد يوسف.
والثالث: أنهم سبوه لما قذف بسرقة الصاع. وفي قوله: (إذ أنتم جاهلون) أربعة أقوال:
أحدها: إذ أنتم صبيان، قاله ابن عباس.
والثاني: مذنبون، قاله مقاتل.
والثالث: جاهلون بعقوق الأب، وقطع الرحم، وموافقة الهوى.
والرابع: جاهلون بما يؤول إليه أمر يوسف، ذكرهما ابن الأنباري.
قوله تعالى: (ائنك لأنت يوسف) قرأ ابن كثير، وأبو جعفر، وابن محيصن: " إنك " على الخبر، وقرأه آخرون بهمزتين محققتين، وأدخل بعضهم بينهما ألفا واختلف المفسرون، هل عرفوه، أم شبهوه؟ على قولين:
أحدهما: أنهم شبهوه بيوسف، قاله ابن عباس في رواية.
والثاني: أنهم عرفوه، قاله ابن إسحاق. وفي سبب معرفتهم له ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تبسم، فشبهوا ثناياه بثنايا يوسف، قاله الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنه كانت له علامة كالشامة في قرنه، وكان ليعقوب مثلها، ولإسحاق مثلها، ولسارة، فلما وضع التاج عن رأسه، عرفوه، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أنه كشف الحجاب، فعرفوه، قاله ابن إسحاق.
قوله تعالى: (قال أنا يوسف) قال ابن الأنباري: إنما أظهر الاسم، ولم يقل: أنا هو، تعظيما لما وقع به من ظلم إخوته، فكأنه قال: أنا المظلوم المستحل منه، المراد قتله، فكفى ظهور الاسم من هذه المعاني، ولهذا قال: (وهذا أخي) وهم يعرفونه، وإنما قصد: وهذا المظلوم كظلمي.
قوله تعالى: (وقد من الله علينا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: بخير الدنيا والآخرة.
والثاني: بالجمع بعد الفرقة.