أرادت: لا آسى، وقال الآخر:
لم يشعر النعش ما عليه من * العرف ولا الحاملون ما حملوا تالله أنسى مصيبتي أبدا * ما أسمعتني حنينها الإبل وقرأ أبو عمران، وابن محيصن، وأبو حيوة: " قالوا بالله " بالباء، وكذلك كل قسم في القرآن. وأما قوله: " تفتأ " فقال المفسرون وأهل اللغة: معنى " تفتأ " تزال، فمعنى الكلام: لا تزال تذكر يوسف، وأنشد أبو عبيدة:
فما فتئت خيل تثوب وتدعي * ويلحق منها لا حق وتقطع وأنشد ابن القاسم.
فما فتئت منا رعال كأنها * رعال القطا حتى احتوين وقد بني صخر قوله تعالى: (حتى تكون حرضا).
فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه الدنف، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال ابن قتيبة: يقال: أحرضه الحزن، أي: أدنفه. قال أبو عبيدة: الحرض: الذي قد أذابه الحزن أو الحب، وهي في موضع محرض. وأنشد.
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني * حتى بليت وحتى شفني السقم أي: أذابني. وقال الزجاج: الحرض: الفاسد في جسمه، والمعنى: حتى تكون مدنفا مريضا.
والثاني: أنه الذاهب العقل، قاله الضحاك عن ابن عباس. وقال ابن إسحاق: الفاسد العقل. قال الزجاج: وقد يكون الحرض: الفاسد في أخلاقه.
والثالث: أنه الفاسد في جسمه وعقله، يقال: رجل حارض وحرض، فحارض يثني ويجمع ويؤنث، وحرض لا يجمع ولا يثنى، لأنه مصدر، قاله الفراء.
والرابع: أنه الهرم، قاله الحسن، وقتادة، وابن زيد.
قوله تعالى: (أو تكون من الهالكين) يعنون: الموتى. فإن قيل: كيف حلفوا على شئ يجوز أن يتغير؟ فالجواب: أن في الكلام إضمارا، تقديره: إن هذا في تقديرنا وظننا.
قوله تعالى: (إنما أشكو بثي) قال ابن قتيبة: البث: أشد الحزن، سمي بذلك، لأن صاحبه لا يصبر عليه حتى يبثه.