والثاني: أن المنادي نادى وهو لا يعلم أن يوسف أمر بوضع السقاية في رحل أخيه، فكان غير كاذب في قوله، قاله ابن جرير.
والثالث: أن المنادي نادى بالتسريق لهم بغير أمر يوسف.
والرابع: أن المعنى: إنكم لسارقون فيما يظهر لمن لم يعلم حقيقة أخباركم، كقوله:
(ذق إنك أنت العزيز الكريم) أي: عند نفسك، لا عندنا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كذب إبراهيم ثلاث كذبات " أي: قال قولا يشبه الكذب، وليس به.
قوله تعالى: (قالوا) يعني: إخوة يوسف (وأقبلوا عليهم) فيه قولان:
أحدهما: على المؤذن وأصحابه.
والثاني: أقبل المنادي ومن معه على إخوة يوسف بالدعوى. (ماذا تفقدون) ما الذي ضل عنكم؟ (قالوا نفقد صواع الملك) قال الزجاج: الصواع هو الصاع بعينه، وهو يذكر ويؤنث، وكذلك الصاع يذكر ويؤنث، وقد قرئ: " صياع " بياء، وقرئ: " صوغ " بغين معجمة، وقرئ: " صوع " بعين غير معجمة مع فتح الصاد، وضمها، وقرأ أبو هريرة: " صاع الملك " وكل هذه لغات ترجع إلى معنى واحد، إلا أن الصوغ، بالغين المعجمة، مصدر صغت، وصف الإناء به، لأنه كان مصوغا من ذهب. واختلفوا في جنسه على خمسة أقوال:
أحدها: أنه كان قدحا من زبرجد.
والثاني: أنه كان من نحاس، رويا عن ابن عباس.
والثالث: أنه كان شربة من فضة مرصعة بالجوهر، قاله عكرمة.
والرابع: كان كأسا من ذهب، قاله ابن زيد.
والخامس: كان من مس، حكاه الزجاج. وفي صفته قولان:
أحدهما: أنه كان مستطيلا يشبه المكوك.
والثاني: أنه كان يشبه الطاس.
قوله تعالى: (ولمن جاء به) يعني الصواع (حمل بعير) من الطعام (وأنا به زعيم) أي: كفيل لمن رده بالحمل، يقوله المؤذن.
قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين (73) قالوا فما جزاؤه إن كنتم