فلم يزدجر، فنودي: أتزني فتكون مثل الطائر نتف ريشه؟! فلم يزدجر حتى ركضه جبريل في ظهره، فوثب.
والثالث: أنها قامت إلى صنم في زاوية البيت فسترته بثوب، فقال لها يوسف: أي شئ تصنعين؟ قالت: أستحي من إلهي هذا أن يراني على هذه السوأة، فقال: أتستحين من صنم لا يعقل ولا يسمع، ولا أستحي من إلهي القائم على كل نفس بما كسبت؟ فهو البرهان الذي رأى قاله علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين، والضحاك.
والرابع: أن الله [تعالى] بعث إليه ملكا، فكتب في وجه المرأة بالدم: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) قاله الضحاك عن ابن عباس. وروي عن محمد بن كعب القرظي:
أنه رأى هذه الآية مكتوبة بين عينيها، وفي رواية أخرى عنه، أنه رآها مكتوبة في الحائط. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: بدت فيما بينهما كف ليس فيها عضد ولا معصم، وفيها مكتوب (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا)، فقام هاربا، وقامت، فلما ذهب عنها الروع عادت وعاد، فلما قعد إذا بكف قد بدت فيما بينهما فيها مكتوب (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله...)، الآية، فقام هاربا، فلما عاد، قال الله تعالى لجبرئيل: أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة، فانحط جبريل عاضا على كفه أو أصبعه وهو يقول: يا يوسف، أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب عند الله في الأنبياء؟!. وقال وهب بن منبه: ظهرت تلك الكف وعليها مكتوب بالعبرانية (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت)، فانصرفا، فلما عادا رجعت وعليها مكتوب (وإن عليكم لحافظين. كراما كاتبين)، فلما عادا عادت وعليها مكتوب (ولا تقربوا الزنا...) الآية، فعاد، فعادت الرابعة وعليها مكتوب (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)، فولى يوسف هاربا.
والخامس: أنه سيده العزيز دنا من الباب، رواه ابن إسحاق عن بعض أهل العلم. وقال ابن إسحاق: يقال: إن البرهان خيال سيده، رآه عند الباب فهرب.
والسادس: أن البرهان أنه علم ما أحل الله مما حرم الله، فرأى تحريم الزنا، روي عن محمد بن كعب القرظي. قال ابن قتيبة: رأى حجة الله عليه، وهي البرهان، وهذا هو القول الصحيح، وما تقدمه فليس بشئ، وإنما هي أحاديث من أعمال القصاص، وقد أشرت إلى فسادها في كتاب " المغني في التفسير ". وكيف يظن بنبي [لله] كريم أنه يخوف ويرعب ويضطر