منهم العلامة الفقيه الشيخ سليمان بن علي الشاخوري وهو أستاد شيخنا الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني، ومنهم العلامة المحقق المدقق الشيخ محمد بن يوسف المعابي البحراني، ومنهم الشيخ الفقيه الذي رجعت إليه رياسة البلاد في زمانه أمرا ونهيا وفتوى، الشيخ محمد بن سليمان البحراني، فإنهم كانوا في مبدء الاشتغال على غاية من الفقر والحاجة، حتى أن الشيخ سليمان بن علي المذكور، كان يحضر الدرس في حلقة الشيخ العلامة الشيخ علي بن سليمان البحراني وهو أحد تلامذة شيخنا البهائي وهو أول من نشر علم الحديث بالبحرين وكان الشيخ سليمان المذكور يحضر حلقة درسه حتى إذا صار قريب الظهر ودخل الشيخ على البيت لأجل الغذاء، وتفرق المجلس، مضى الشيخ المزبور للصحراء في وقت الربيع وأكل من حشايش التراب ما يسد جوعه، ثم بعد خروج الشيخ يعود للحضور.
ومن هذا القبيل حكايات الباقين مما يطول بنقله الكلام. وحيث إنهم رضوان الله عليهم طلقوا الدنيا وقصروا على الرغبة في الأخرى، ارتقوا من الدنيا أعلى مراتبها وانقادت لهم بأزمتها وتراقيها حتى صار كل منهم نابغة زمانه ونادرة أوانه، وهو وفق الحديث القدسي المتقدم.
لكن ينبغي أن يعلم أن هذه المرتبة ليست سهلة التناول لكل طالب، ولا ميسرة إلا باخلاص النية له في طلب العلم، فإن مدار الأعمال على النيات، وبسببها يكون العلم تارة خزفة لا قيمة لها، وتارة جوهرة فاخرة لا يعلم قيمتها، لعظم قدرها، وتارة يكون وبالا على صاحبه مكتوبا في ديوان السيئات، وإن كان ما أتى به بصورة الواجبات.
فيجب على الطالب أن يقصد بطلبه الاخلاص لوجه الله تعالى وامتثال أمره، واصلاح نفسه وارشاد عباده إلى معالم دينه، ولا يقصد بذلك شيئا من الأعمال الدنيوية من تحصيل مال، وجاه، ورفعة وشهرة بين الناس، أو المباهاة والمفاخرة للأقران، والترفع على الإخوان ونحو ذلك مما يوجب البعد منه سبحانه وتعالى، والخذلان، مضافا إلى