من خرج عن الآدمية، برفض جلباب البشرية والحجب الملكية والجبروتية، فتلك الشجرة ملعونة بعيدة غاية البعد، والمادة والهيولي أبعد كل شئ، وأوسع مما بين الأرض والسماء، إلا أنها مركب الوصول إلى السفر الرابع الذي فيه جميع الخيرات والجنات، فالتجاوز عن النهي الإلهي بالقرب منها، عين الحركة الحقيقية الذاتية التي بها وجدت الأرض والسماء وحدث عالم المادة والصور، فالنهي مقدمة، والظلم والتعدي عن المحدودية مقتضى المقدرات البدوية والقضاء الحتمي الإلهي، وكان الإنسان ظلوما جهولا، فيه غاية قوة الجهالة، وبها يتمكن من الوصول إلى نهاية القدرة الكلية الإلهية الواسعة.
* (فأزلهما الشيطان عنها) *، أي الشجرة، والشيطان هو الشيطان السعي العام والوهم الكلي الشامل، وهما الوجود الظاهر ب " بسم الله "، والمقرون بزوجته الظلية غير الأصيلة في عين الكثرة التامة، وبصيرة الانبساط على الأعيان الثابتة الملازمة للأسماء الإلهية، وعند ذلك تمكن الشيطان من إخراجهما * (مما كانا فيه) * من الإجمال في عين التفصيل، ومن الاندماج في عين الانبساط.
* (فأخرجهما مما كانا فيه) * من الرتبة والشرف والوحدة الظلية البسيطة، غير المنبسطة على تلك الرؤوس والأعيان.
* (وقلنا اهبطوا) * فبه وقع الهبوط، كما أن ذلك كان من مرتبة ذلك آدم الإجمالي الاندماجي، ولذلك قيل: * (وقلنا) *.
* (بعضكم لبعض عدو) * بالضرورة، فإن الوجود عدو الماهية، والخير عدو الشر، والجهات السعية عدوة للجهات المحدودة، وخضر