يتداوى بها آدم من مرضه الروحاني والنفساني وسائر الأمراض والأعراض البدنية والشهوية والغضبية والشيطانية، ويهدم بها الموانع في الطريق الموصل فهي كلمات خاصة عينية خارجية، هي عين الذهنية الإلهية، وهي نورانية تدفع الظلمات الاكتسابية والطبيعية، الحاصلة من الأرحام غير المطهرة والأصلاب غير الشامخة، ولأجل هذا التلقي صار صالحا ويصلح لأن يتوب إليه * (فتاب) * الله * (عليه) * لما لا بخل ولا جهالة ولا عجز ولا جزاف في تلك الناحية المقدسة الإلهية والربوبية، وهذه التوبة تكوينية، فإنه تعالى إرادته فعله، فضلا عن غيرها، فتوبته أيضا من لوازم تلك الإرادة، كما أن جميع الكمالات الأولية والثانوية العينية الخارجية، نفس إرادته وفعله، وما ذلك الرجوع منه تعالى عليه إلا لأنه التواب الرحيم، وفي إرداف التواب بالرحمة مع ابتلاء آدم بالغضب، لأنها سبقت غضبه، وكان في ذلك الغضب رحمة، فلا يكون منه إلا الخير، فإن الوجود خير محض لا يشوبه شر قط.
* (وقلنا اهبطوا) * فإن الهبوط كلما كان أكثر، والبعد كلما كان أشد وأذل وأضل وأغرب إلى أن يصل إلى مادة المواد، فمنها يكون للصعود أصلح، وللحركة نحو الكمال المطلق أوفق وأحسن وأمتن، وفي الاستقامة على الصراط - الممتد من تلك المادة التي هي قوة الحركة - يكون آدم المتحرك أقوم وأصلب، وقد هبط أولا إلى مرحلة، ثم إلى آخر المراحل جميعا، بحيث لا وراء لها إلى صرف العدم، فإذا هبط من المحل الأرفع وانكسرت أنانيته انكسارا وتخضعا لازما، وهويته اقترنت بتلك الرذيلة، شرع لأن يأتي من ناحيته تعالى الإمدادات الخاصة، بقوله: * (فإما يأتينكم