بالفواكه والأزهار، وأنت هو ذاك آدم بحسب الفطرة والطينة، وفيك تلك القوة المسجود لها والغالبة، ولك تلك الجنة المربوبة بتربية الله تعالى من جهة الشرائط والمعدات والمقتضيات، فعندك كل شئ، إلا أنه تعالى لسياسة روحية، ولافتتان جسمي أخلاقي وخلقي نهى عن القرب من الشجرة، وربما لم يكن الصلاح في المجعول، وإنما كان الصلاح في الجعل ونفس النهي، وعند القياس بين تلك النعم والرحمة وهذا النهي، يتبين لك حدود التجري عليه تعالى وتقدس، ومقادير الظلم والتجاوز في هتك حرمته وحريمه، ويظهر لك خبث فعلك وصنعك، ومع ذلك كله وإن أخرجك الله مما كنت فيه لسوء سريرتك الثانوية، ولكن أقرك في الأرض ومتعك إلى حين، كي يتمكن جنابك من التوبة، وعلمك شرطها بتلقين الكلمات الدخيلة في كسر ظلمة روحك، وتبديل فساد خلقك إلى الخلق اللائق لأن يتوب عليك وتاب عليك، فإنه التواب الرحيم.
فهل بعد ذلك وذاك لا تتدبر في تلك الشجرة المنهي عنها في القرآن، النابتة في العالم الصغير والكبير، ولم يأن حين التفاتك إلى صلاحك وإصلاح الناس، بالاجتناب عن فروع تلك الشجرة، والمنهيات الإلهية والمبغوضات الشرعية، والإتيان بالواجبات الربانية والحدود المقدسة المذكورة في الكتاب والسنة، كي لا تكون من الظالمين والمتجاوزين على حقوق الناس وأشباهك ونظائرك، وكي لا تكون من القاعدين التاركين جهاد النفس والجهاد في الله بمحاربة عدو الله الجزئي الباطني والظاهري، وقلع المعاندين وقمع المشركين والمنافقين، التابعين لتلك الشجرة النابتة في جهات شتى في العالم الصغير