الثانية، ومن التزلزل في الجنة في الأولى والاستقرار في الأرض في الثانية، والنهي عن التمتع في الأولى والأمر بالتمتع في الثانية، والسكون في الأولى والهبوط إلى الأرض في الثانية، والدخول في الجنة في الأولى والخروج منها في الثانية، ثم بعد ذلك كله سير آخر من الأرض إلى الرب بتلقي كلمات الرب، وما هي تلك الكلمات؟ وما هي توبة آدم؟ وهكذا.
وبالجملة: يظهر للعارف السالك أنه يجوز أن يكون هناك مقالة شخصية تكوينية بين الرب المطلق والوجود الإطلاقي، وأن هناك جنبتين: جنبة يلقى الحقي، وهو آدم وما معه المسمى بالزوج، الذي به يليق أن يتمكن من الأكل والحركة، وجنبة يلقى الخلقي، وهي الأرض وباطنها الشيطان، وقد تجاوز آدم من جنبته الثانية إلى الجنبة الأولى، فيكون متعديا وظالما مع أنه منهى عن تلك الشجرة التي هو الدرج والمصعد، وهو علم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام)، كما في بعض أخبارنا (1)، كما قال الله تعالى: * (إنه كان ظلوما جهولا) * (2) ظلوما بتعديه إلى ما لا ينبغي، وجهولا بترك الواسطة المعينة، وهو مقامه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإزلال الشيطان - بإخراجهما مما كانا فيه من أرض البدن، وتعديهما بالقرب من الشجرة التي هي خارجة عن حد آدم وزوجه - أوجب أن يعدا متعديين وعدويين على الإطلاق وفي كافة المنازل والمراحل، فصارا لا يقين للأرض السفلى والبدن المنكوب، فأمرا أن يستقرا في الأرض، ويستقر معه كل شئ لحقه