هدى) * يستنبط وجودهم العقلاني، فيكون دليلا على أن النفوس ليست جسمانية الحدوث، خلافا للبراهين العقلية (1) والضرورة الوجدانية، وقد عرفت أن الهبوط ليس معناه الهبوط السماوي أو الروحاني الإلهي - بل في الكتاب الإلهي كثيرا استعمال هذه اللفظة في النقل المكاني: * (وإن منها لما يهبط من خشية الله) * (2)، وقال: * (قيل يا نوح اهبط بسلام منا) * (3)، وقال:
* (إهبطوا مصرا) * (4) كي يقال: إن هذه الآيات ناظرة إلى الأشخاص المعينين، وقوله تعالى: * (فإما يأتينكم) * التفات من الخطاب الخاص إلى العام، وهو أيضا جائز، بل قوله تعالى في هذا الموقف: * (والذين كفروا وكذبوا) * يشعر بأن الذين كفروا في عالم آخر، فتدبر.
أقول: قد عرفت أن الأرض بلا شبهة، كانت غير مسكونة في بدو الخلق، ثم صارت مسكونة، وحديث خلقة الأشياء وجعلها فيها، كان تدريجيا من القلة إلى الكثرة - الفردية والنوعية - وأن الكتاب السماوي كتاب الهداية والإرشاد. وعلى هذا فلا بأس بكونه خطابا إلى تلك القلة، ليتوجه المتأخر إلى ما هو أساس التشريع وأساس تبعاته من العقوبة، فالمنظور كلي ذهني، والخطاب خاص عيني، من غير حاجة إلى كونه خطابا إلى تلك الذرات بحسب الأول، وبلحاظ أن المستقبل