يا إلهي ويا سيدي كيف أنسى فضلك علي بالتعليم، الذي هو أشرف شئ في العوالم العلوية والسفلية؟! وكيف يجوز لي معصيتك ومخالفتك، وقد استحيى منك الملائكة المفضولون، وقدسوك وسبحوك، فهم لو عصوك فلا ضير ولا بأس في بدو الفكر وابتداء النظر مع أن الأمر ينعكس، فوالله يا مولاي ويا إلهي لا أجد أحدا أقل حياء من آدم وولده، إلا من شذ منهم، وهم أئمتنا عليهم السلام والصلاة بما لا سكن لها ولا حد لجوانبها - ولا أتوهم ولا أتخيل في الوجود من يكون مثلي، محاطا بالألطاف السماوية والأرضية، ويعصيك ليلا ونهارا، ولا يدعوك خفية وجهارا، لا خالصا ولا رياء، فوا أسفا ووا سوأتا على مثلي وآخر في خلقي.
إلهي وسيدي ومولاي لا تحمد إلا بتوفيق منك يقتضي حمدا ولا تشكر على أصغر منه إلا استوجبت بها شكرا، فمتى تحصى نعماؤك يا إلهي وتكافأ صنائعك يا سيدي وتجازى آلاؤك يا إلهي؟! ومن نعمك يحمد الحامدون، ومن شكرك يشكر الشاكرون، وأنت المعتمد للذنوب في عفوك، والناشر على الخاطئين جناح سترك، وأنت الكاشف للضر بيدك، كيف لا وقد خلقتني أطوارا.
فيا أخي ويا أيها القارئ الكريم غض بصرك عن هذه السطور المظلمة، ونور قلبك بالمعاني النورانية، ولا تكن ممن يتخذ العلم مأكلا فإن شر الناس من استأكل بعلمه، ولا تغتر بتلك المفاهيم الباطلة، فإن كل شئ باطل إلا وجهه، والشيطان هو الغرور وإذا غرك يتبرأ منك، فلا تكن أسوأ من الملائكة المسبحين المفضولين، فضلا عن أن تكن أسوأ من شياطين الإنس والجن المقبوحين.