تتصور فيهم طبعا، ولا جهالة لهم بالنسبة إلى جميع ما دونهم، لكونهم العلل أو ممر الفيوض الإلهية، ومنها الموجودات والماهيات المحتاجة إلى الإمكان الذاتي وإلى التقديرات الكمية والأبعاد الخاصة والكيفيات المتخصصة من قبل عللها، فهم أيضا أنواع ولا أفراد لها ولا حالة انتظارية تتصور في حقهم.
وأما ما اشتهر بين حكماء السلف من الحاجة إلى المادة المحضة دون لواحقها، فهو مجرد تخيل لا أصل له عندي، كما حررناه في " قواعدنا الحكمية "، فإن جميع ما في عالم السفليات - سماويات كانت أو أرضيات - محتاجة إلى المادة والمدة والهيولي والإمكان الاستعدادي والحركة وحصصها، كي تصل إلى منزلها أحيانا.
وما اشتهر من تقسيم المادة إلى الأثيرية والعنصرية، لا أصل له، بل كلها عنصريات.
ومنها ما هو المحتاج إلى المادة والمدة، زائدا على الإمكان الذاتي والمقدار المتخصص له من قبل علته أو الحاصل له بعد حركتها إلى غايتها، وتسمى الأولى مبدعات، والثواني مخترعات، والثوالث كائنات حسب الاصطلاحات، نظرا إلى قصور اللفظ وخوف الإطالة.
وهذه المسائل تستنبط من هذه الآيات، كما مر الإيماء إليه، فإن آدم كان فيه الحالة المنتظرة وإمكان الحركة الذاتية نحو الوجوب الإطلاقي والوجود الحقيقي، فكان فيه الإمكان الاستعدادي والقابلية المتقدرة بالفيض الأقدس، فعلمه الله تعالى ما لم يعلم بخلاف الطائفة الثانية الكاملة في بدو الخلقة، المنزهة عن قابلية الحركة إلى ما