هذا الظاهر، وسر وراء هذا المرئي، ويستظهر أن ذلك الأمر المغيب واحد شخصي، لأن كلمة " غيب " واحدة شخصية، وإنما يتكثر ذلك الواحد الشخصي بالإضافات إلى ما في الأرض والسماوات، كما أضيف في اللفظ، فعلى هذا ما هو حقيقة موجود - وهو الصادر - واحد، وهذه الكثرة الظاهرية كثرة خيالية وهمية، وما به الشئ شئ هو السر والغيب، والمختفي تحت جلباب هذا العنوان وتلك العناوين المتكثرة في الكثرة الإضافية:
كل ما في الكون وهم أو خيال * أو عكوس في المرايا أو ضلال * (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) * (1).
وبالجملة: تحصل إلى الآن أن ما هو معلوم الله في النشأة الظاهرة واحد بالذات، وهو علمه الفعلي، وهو الوجود المنبسط على رؤوس الماهيات الإمكانية والأعيان الثابتة، التي يتشكل بها السماوات والأرض، وليس لكل شئ غيب متباين الوجود عن الغيب الآخر تبعا للتباين التوهمي المترائي في القشر والصورة، فإن القشريين - بما هم قشريون - حيث لم يصلوا إلى مغزى الحقيقة ومخ الوجود ولب الواقعية، ظنوا كثرة واقعية وتباينا أصيلا، يرجع إلى كثرة الإرادة الفعلية والصفتية طبعا، الراجعة إلى الكثرة في الذات الأحدية، التي تصبح كفرا وإلحادا وظلمة واستبعادا. والله من ورائهم محيط، وله الحمد والشكر.