والاستعداد الذي تحت تصرفك فإن الله فياض جواد عالم قادر، يجذبك بجميع الوسائل الإمكانية، ويعشقك نهاية العشق الإلهية بالحركة الذاتية الموجودة فيك، وبالإمكانات الطبيعية المودوعة لديك، فإنما المنكوس من اتبع سبيل الشيطان، والغير الواصل من خضع لغير الإنسان، والمحجوب عن الفطرة المخمورة من ذل لغير الرحمن، فإنه قد سلك سبل المعاندين بالاختيار، وسار في طريق الملحدين الكافرين بالإرادة والإفكار.
فإياك يا أخي وشقيقي - بعد الالتفات إلى مغزى هذه الآيات - أن تكون مثلي، وأن يكون مصيرك مصيري وسبيلك سبيلي، فإني رجل مبتلى بالبلايا، محفوف بالظلمات المحيطة، الحاجبة علي أبواب الخيرات التي نزلت بالفيض الأقدس، ونزل على الدوام بالفيوضات المقدسة، ولكن بعد اللتيا والتي أعشق الصالحين وأحبهم ولست منهم، وهذا باب فتحه الله بحمده علي، وأعطاني منه شيئا، ندعوا أن يستكثر علي به حبه، ويشتد به عشقه ووداده، كي أصل إلى هؤلاء السالكين الصالحين بيمنه وتوفيقه، فيا إلهي ومولاي قد علمتنا الأسماء كلها، فلا قصور من جنابك، وقدمتنا على ملائكتك وكثير من خلقك، فلا بخل ولا جمود من ناحيتك وكلمتني بكلام فيه الألطاف، وخاطبتني بخطاب العزة والاعتراف، وقلت: * (يا آدم أنبئهم بأسمائهم) *، فيليق أن نقول: سبحانك لا شئ عندنا إلا ما أعطيتنا إنك أنت الجواد الكريم، ولا يخص ذلك بالعلم، فإن الوارد علينا من حياضك المترعة غير محدود، وعطاياك غير محصورة، إلا أن عبدك عاص وخلقك مذنب، فيأمل غفرانك بعد هذه المزيات غير المتناهية والعطيات الغير اليسيرة.