القوس، * (فكان قاب قوسين أو أدنى) * (1) فهذه المادة القابلة للتعليم بالخروج من الضعف إلى القوة ومن النقص إلى الكمال ومن الهيولي إلى الصورة المطلقة، بالحركة الجوهرية الذاتية الطبيعية العشقية السجلية، فليس تعليمه تعالى خارجا عن قوانين العلة والمعلول، وعن مسائل العالم الإلهية والطبيعية، وتعليمه تعالى كتعليمه لي ولغيري، إلا أن المواد تختلف باختلاف القابلية، التي تستند إلى العلل السابقة والمعدات الموجودة على ما تحرر في محله.
وقد اشتركت الطينة الكلية الآدمية في تلك القابلية العامة، واختلفت في الاحتجابات اللاحقة من قبل العلل والمعدات والآباء والأمهات - كما ترى - حسب الافراد والأشخاص، فإذا كانت فيه القابلية العامة للأسماء الإلهية والصفات الكلية - بنحو العموم والاستغراق - يتم قوس الصعود بوصوله إلى مقبض الوجود ومبسطه، وهذا مما لا يتيسر إلا للمجرد الكلي المتجاوز عن حد المادة إلى تلك الحدود الكلية السعية، ويثبت بذلك تجرد آدم أولا وقابليته للتجرد التام الذي فيه من الأسماء كلها، وربما فيه أيضا السر المستسر والاسم الخاص الذي أستأثر به الله تعالى لنفسه، فإنه أيضا فيه حسب هذه الآية الشريفة العامة، كما نشير إليه في بحوث عرفانية إن شاء الله تعالى.
وبالجملة: مقتضى هذه الآية لزوم التجرد للنفس، الذي هو محل الخلاف بين الفلاسفة والمتكلمين، مع أنه تجرد بالغ غايته واصل