بالوجوب التبعي الزائد شرفا عن الوجوب الغيري * (إني جاعل) * باسمي البسيط الجامع، وهو يتعدى ذلك، فيكون فيه من الإمكانات الاستعدادية كلها، كيف وفيه من هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان خلق نوره (صلى الله عليه وآله وسلم) - حسب بعض الأخبار - قبل خلق آدم هذا والخليفة في الأرض بأربعة عشر ألف عام * (في الأرض) * (1)، أي في الكرة الأرضية أو * (في الأرض) * أي أرض البدن، أو * (في الأرض) * أي العالم السفلي * (خليفة) * يستحق على الإطلاق اسم الخليفة، ففيه من الخلافة ما لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها، ففهم الملائكة أن تلك الخلافة فيها كل شئ، ففيها الغضب والإرادة والسياسة ففيها الفساد وسفك الدماء، ولأن الأمر بدونه لا يدور، ويقول عز من قائل: * (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأي آلاء ربكما تكذبان) * (2) فكان هذا الإفساد العظيم من الآلاء والنعيم.
* (قالوا) * على النهج المذكور * (أتجعل فيها) * في تلك الأرض الجزئية والكلية والمطلقة بأيديك وأنت تتصدى لهذا الجعل العظيم العجيب فيما لا يزال، غافلين عن سبق وجودهم في الأزل بالقضاء والقدر * (من يفسد فيها) * وهم يباشرون الإفساد، وهم مبادئ الفساد، دونه تعالى:
* (ويسفك الدماء) * بغير حق بأيديهم مباشرة، وهم أحق بهذا الإسناد والنسبة، لأنهم من الخير أبعد وإلى الشر أقرب * (قل كل يعمل على شاكلته) * (3) * (ونحن نسبح بحمدك) * مباشرة ونبرئك عن النعوت الخلقية