كونها سافكة الدماء ومفسدة الأرض، شبيهة الملائكة في الرفعة والإلهية حتى تزاحمهم، وتوجب اطلاعهم على جهلهم وفسادهم الروحي في بواطن وجودهم، ولأجل ذلك وذاك * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) * غافلين عن سبق وجود السفاكين المفسدين، وجاهلين بأن منشأ هذا القول الشبيه بالاعتراض، أمر روحي داخلي أجنبي عما ظهر عنهم قولا، وأعربوا عن ضمائرهم تخيلا وفكرا، وهو يرجع إلى نحو من الفساد وضعف الوجود * (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) * غفلة عن أن الله تبارك وتعالى لا يصنع صنعا لأجل التسبيح والتقديس، وجاهلين بغنائه تعالى عن التسبيح والتقديس:
گر جمله كائنات كافر گردند * بر دامن كبرياش ننشيند گرد ولأجل هذا وذلك رد عليهم: * (إني أعلم ما لا تعلمون) * أيها الجاهلون الغافلون المعتقدون أنه تبارك وتعالى يحتاج إلى التسبيح والتقديس، وهو عين الفساد والكفر، وهو أكثر فسادا وأشد من إراقة الدماء بحسب الحقيقة، فلا تخلط.
وقريب منه: * (وإذ قال ربك للملائكة) * ملائكة السماء * (إني جاعل في الأرض خليفة) * عما كانوا قبلهم من الأصناف والأنواع المختلفة إنسا كانوا أو جانا أو نسناسا * (قالوا أتجعل) * وهل يجوز لنا أن نعلم حكمة هذا الخلق والجعل؟! فإنك فعال لما تشاء، ولا تسأل عما تفعل، وهم يسألون، ولكن المطلوب اطلاعنا على هذه الحكمة البالغة الرشيدة * (من يفسد فيها ويسفك الدماء) * ونظرا إلى أن مادة خلقهم الطين * (إذ قال ربك