معنى حرفي فان ومتدلي الذات في تلك الحقيقة الإلهية، فلا يشار إليه إلا بما هو يباينه ويضاده ويقابله.
* (قالوا) * بالألسنة الخمسة، وفي طليعتها لسان الذات من حيث هي هي * (أتجعل فيها) * وفي تلك الأرض المقصودة * (من يفسد فيها) *، لأنه مظهر الجمال والجلال، فلا يمكن أن يرى الغير، ويطلب الرئاسة والسلطنة، فيفسد * (ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك) * غافلين عن أن هذا الخليفة لا يرى نفسه في قبال ربه، ولا ينسب شيئا إلى ذاته بحذاء ذات الله وإله العالم ورب العوالم، وهم في وجه يشبهون إبليس، حيث إنه رأى غيرية في العالم، فقال: * (خلقتني من نار وخلقته من طين) * (1) فهذه العين الثلاثية جعلته من الكفار والمتكبرين، وهم رأوا أنفسهم، فقالوا:
* (نحن) * في مقابل قول الله تعالى: * (إني) *، وهذا من سوء الأدب جدا، وتوهموا أنهم يصنعون، وبيدهم التقديس * (ونقدس لك) * وهذا من نهاية الاحتجاب عن نفوذ قدرته وقوته وإرادته وسلطانه، فما لهم - حينئذ - جواب استدلالي، ولا يمكن توبيخهم وتثريبهم في نسبة الإفساد إلى الخليفة والخليقة، فإنه ليس في الدار من ديار * (قل كل من عند الله) * (2)، ولا يمكن توجيههم وتعليمهم لخلوهم عما هو شرط، فلأجل هذه الأمور مثلا:
* (قال إني أعلم ما لا تعلمون) * ولا يكون شأنهم ذلك.