شتى مراتبها.
فعلى ما تحرر يتبين: أن الحق أن عناوين الخير والشر عناوين نفسية وقياسية، وإذا لم يكن المبدأ الأعلى شرا في ذاته بالضرورة، ويصح استناد تخيل الشر بالنسبة إليه بالقياس إلى الطائفة الخاصة، يتبين أن الشر لا تحصل له إلا تحصلا بالقياس، وما له التحصل بالقياس ليس له التحصل النفسي والخارجي، وإذا كان الشر كذلك فالخير مثله، لأنه شريكه.
فالخير والشر من العناوين القياسية، ولا يكونان من المحمولات بالضميمة حتى يندرجا في المقولات، ولا من خوارج المحمول التي يكون لها المصداق العيني، كالبياض والنور والوجود والحركة، بل هما يشبهان الحق والباطل، ويكونان من الاعتباريات الفلسفية، لا الاعتباريات الرائجة في العلوم الاعتبارية، كالفقه والأصول، فلا ينتزع بالوجدان عنوان الخير والشر من شئ إلا بالقياس إلى شئ، بخلاف عنوان الوجود والعدم، فلا مصداق لعنوان الخير ولا الشر، ولا يكونان خارجين.
وما اشتهر: أن الوجود خير محض في غير محله إلا بالإضافة، وما هو اعتبار بالإضافة لا تحصل له إلا بنحو من الإضافة إلا أن هذه الإضافة: تارة من الإضافة المقولية، واخرى من التضايف المفهومي، والخير والشر من قبيل الثاني، لا الأول، لجريانهما في المجردات المطلقة وإطلاقهما وحملهما عليها، كما هو واضح، وأمثال هذه العناوين كثيرة، وأما كون الشئ خيرا محضا بالقياس إلى نفسه لنفسه فهو غلط محض، لأن حقيقة الخير هي الماهية المضافة إلى الغير ف " هو تعالى خير محض بالقياس إلى ذاته