سبب الإفساد والسفك دونه تعالى، فتكون الآية شاهدة على بطلان مرام الأشاعرة، بل والفلاسفة من الإسلاميين القائلين: بأن السبب الأول أقرب إلى المفعول من السبب الثاني، لأن الأعدام المتصورة بالنسبة إلى المفعول الأخير، قد انسدت بالسبب الأول والثاني، وأما العدم المتوجه إلى المعلول والمفعول من ناحية عدم العلة والسبب الثاني، فلا ينسد، إلا بالسبب الأول، فالفعل الأخير أقرب من العلة الأولى بالضرورة.
ثم إن من التسبيح والتقديس، يثبت كمال المبدأ الأعلى واجديته لكل كمال وجمال، وأنه لا يشوبه النقص ولا يطرأ عليه شائبة التشبيه فجميع الصفات الكمالية ثابتة له تعالى، وكل الأوهام الناقصة التحددية والتجسمية مسلوبة عنه تعالى بالسلب المحصل الأزلي الأبدي، وقد أشرنا إلى أن التسبيح بالحمد غير التسبيح البسيط، فإن الأول مضافا إلى السلوب المذكورة، يشتمل على الإيجابات الكمالية، وتصير النتيجة: بساطته المطلقة ووجد انه لكل كمال، فلا يعقل تصوير كمال لموجود من الموجودات إلا وهو ثابت له، وإلا فيلزم أن يكون إطلاق التسبيح والتقديس في غير محله، فالآية شاهدة - من هذه الجهة - على هذه المسألة الراقية العقلية، التي تضمنت مسائل كثيرة ذات ثمرات عديدة.
وأما حل المشكلة المشار إليها:
فهو أولا: يمكن من جهة أنه مقول قول طائفة من الملائكة غير العارفين بالله حق عرفانه، ضرورة أن الملائكة مختلفة في هذه الجهة، كما أن أفراد الإنسان متفاوتة، وربما يزداد معرفة الإنسان على معرفة