وهو مذهب جماهير العلماء وبوب البخاري باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته وقد استثنى الجمهور ما يأتي عن الهبة للولد ونحوه وذهبت الهادوية وأبو حنيفة إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة إلا الهبة لذي رحم قالوا والحديث المراد به التغليظ في الكراهة قال الطحاوي قوله كالعائد في قيئه وإن اقتضى التحريم لكن الزيادة في الرواية الأخرى وهي قوله كالكلب يدل على عدم التحريم لأن الكلب غير متعبد فالقئ ليس حراما عليه والمراد التنزه عن فعل يشبه فعل الكلب وتعقب باستبعاد التأويل ومنافرة سياق الحديث له وعرف الشرع في مثل هذه العبارة الزجر الشديد كما ورد النهي في الصلاة عن إقعاء الكلب ونقر الغراب والتفات الثعلب ونحوه ولا يفهم من المقام إلا التحريم والتأويل البعيد لا يلتفت إليه وحديث ابن عمر المذكور أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس وأشار إليه الترمذي قوله (وفي الباب عن ابن عباس) تقدم تخريجه آنفا (وعبد الله بن عمرو) أخرجه النسائي وابن ماجة قوله (لا يحل لرجل الخ) هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة والقول بأنه مجاز عن الكراهة الشديدة صرف له عن ظاهره (ثم يرجع) بالنصب عطف على يعطي (فيها) أي في عطيته (إلا الوالد) بالنصب على الاستثناء (فيما يعطي ولده) استدل به على أن للأب أن يرجع فيما وهبه لابنه وكذلك الأم وهو قول أكثر الفقهاء إلا أن المالكية فرقوا بين الأب والأم فقالوا للأم أن ترجع إن كان الأب حيا دون ما إذا مات وقيدوا رجوع الأب بما إذا كان الابن الموهوب له لم يستحدث دينا أو ينكح وبذلك قال إسحاق وقال الشافعي للأب الرجوع مطلقا وقال أحمد لا يحل لواهب أن يرجع في هبته مطلقا وقال الكوفيون إن كان الموهوب صغيرا لم يكن للأب الرجوع وكذا إن كان كبيرا وقبضها قالوا وإن كانت الهبة لزوج من زوجته أو بالعكس أو لذي رحم لم يجز الرجوع في شئ من ذلك ووافقهم إسحاق في ذي الرحم وقال للزوجة أن ترجع بخلاف الزوج والاحتجاج لكل واحد من ذلك يطول ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور أن الولد وماله لأبيه
(٢٧٧)