قوله (ونحن نتنازع) أي حال كوننا نتباحث (في القدر) أي في شأنه فيقول بعضنا إذا كان الكل بالقدر فلم الثواب والعقاب كما قالت المعتزلة والاخر يقول فما الحكمة في تقدير بعض للجنة وبعض للنار فيقول الاخر لأن لهم فيه نوع اختيار كسبي فيقول الاخر من أوجد ذلك الاختيار والكسب وأقدرهم عليه وما أشبه ذلك (فغضب حتى احمر وجهه) أي نهاية الاحمرار (حتى) أي حتى صار من شدة حمرته (كأنما فقئ) بصيغة المجهول أي شق أو عصر (في وجنتيه) أي خديه (الرمان) أي حبه فهو كناية عن مزيد حمرة وجهه المنبئة عن مزيد غضبه وإنما غضب لأن القدر سر من أسرار الله تعالى وطلب سره منهي ولأن من يبحث فيه لا يأمن من أن يصير قدريا أو جبريا والعباد مأمورون بقبول ما أمرهم الشرع من غير أن يطلبوا سر ما لا يجوز طلب سره (أبهذا) أي بالتنازل في القدر وهمزة الاستفهام للانكار وتقديم المجرور لمزيد الاهتمام (أم بهذا أرسلت إليكم) أم منقطعة بمعنى بل والهمزة وهي ل نكار أيضا ترقيا من الأهون إلى الأغلظ وإنكارا غب إنكار قاله القاري (إنما هلك من كان قبلكم) أي من الأمم جملة مستأنفة جوابا عما اتجه لهم أن يقولوا لم تنكر هذا الانكار البليغ (حين تنازعوا في هذا الأمر) هذا يدل على أن غضب الله وإهلاكهم كان من غير إمهال ففيه زيادة وعيد (عزمت) أي أقسمت أو أوجبت (عليكم) قيل أصله عزمت بإلقاء اليمين وإلزامها عليكم (ألا تنازعوا) بحذف إحدى التائين (فيه) أي في القدر لا تبحثوا فيه بعد هذا قال ابن الملك إن هذه يمتنع كونها مصدرية وزائدة لأن جواب القسم لا يكون إلا جملة وأن لا تزاد مع لا فهي إذا مفسرة كأقسمت أن لا ضربت وتنازعوا جزم بلا الناهية ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة لأنها مع اسمها وخبرها سدت مسد الجملة كذا قاله زين العرب قوله (وفي الباب عن عمرو وعائشة وأنس) أما حديث عمرو فأخرجه أبو داود بلفظ لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم وكذا أحمد والحاكم وأما حديث عائشة فأخرجه ابن ماجة وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي وابن ماجة
(٢٨٠)