يهوده أبواه وينصراه ويشركاه (قال الله أعلم بما كانوا عاملين به) قال ابن قتيبة معنى قوله بما كانوا عاملين أي لو أبقاهم فلا تحكموا عليهم بشئ وقال غيره أي علم أنهم لا يعملون شيئا ولا يرجعون فيعملون أو أخبر بعلم شئ لو وجد كيف يكون مثل قوله ولو ردوا لعادوا ولكن لم يرد أنهم يجازون بذلك في الآخرة لأن العبد لا يجازى بما لم يعمل قال النووي في شرح مسلم أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفا وأما أطفال المشركين ففيهم ثلاثة مذاهب قال الأكثرون هم في النار تبعا لابائهم وتوقفت طائفة فيهم والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وحوله أولاد الناس قالوا يا رسول الله وأولاد المشركين قال وأولاد المشركين رواه البخاري في صحيحه ومنها قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ولا يتوجه على المولود التكليف حتى يبلغ وهذا متفق عليه انتهى كلام النووي قلت ويؤيد هذا المذهب الثالث ما رواه أبو يعلى من حديث أنس مرفوعا سألت ربي اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم قال الحافظ إسناده حسن قال وورد تفسير اللاهين بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس مرفوعا أخرجه البزار ويؤيده أيضا ما روى أحمد من طريق خنساء بنت معاوية بن صريم عن عمتها قالت قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة قال الحافظ إسناده حسن ويؤيده أيضا ما روى عبد الرزاق من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت سألت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال هم مع ابائهم ثم سألته بعد ذلك فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعد ما استحكم الاسلام فنزل ولا تزر وازرة وزر أخرى قال هم على الفطرة أو قال هم في الجنة
(٢٨٨)