سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن في الرابعة.
وأما خمس سنين فلعل المراد منها سنتا فترة الوحي من يوم نزول إقرأ باسم ربك الذي خلق * إلى نزول يا أيها المدثر * وثلاث سنين من أول بعثته بعد الفترة إلى نزول قوله فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين * سني الدعوة الخفية التي لم يكن فيها معه صلى الله عليه وآله وسلم إلا خديجة و علي، وأحسب أن هذا مراد من قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مستخفيا أمره خمس سنين كما في (الامتاع) (ص 44).
وأما سبع سنين فإنها مضافا إلى كثرة طرقها وصحة أسانيدها معتضدة بالنبوية المذكورة (ص (5) 220)، وبحديث أبي رافع المذكور (ص (6) 227)، وهي سني الدعوة النبوية من أول بعثته صلى الله عليه وآله وسلم إلى فرض الصلاة المكتوبة، وذلك أن الصلاة فرضت لا خلاف ليلة الاسراء، وكان الاسراء كما قال محمد بن شهاب الزهري قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد أقام صلى الله عليه وآله وسلم في مكة عشر سنين، فكان أمير المؤمنين خلال هذه المدة السنين السبع يعبد الله ويصلي معه صلى الله عليه وآله وسلم، فكانا يخرجان ردحا من الزمن إلى الشعب وإلى حراء للعبادة، ومكثا على هذا ما شاء الله أن يمكثا حتى نزل قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين * وذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف، فتظاهر عليه السلام بإجابة الدعوة في منتدى الهاشميين المعقود لها، ولم يلبها غيره، ومن يومذاك اتخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخا ووصيا وخليفة ووزيرا، ثم لم يلب الدعوة إلى مدة إلا آحادهم بالنسبة إلى عامة قريش والناس المرتطمين في تمردهم في حيز العدم.