الإشراق قابلها بصفائها لانطباع صور مكارم الأخلاق، مطهرة لضيائها من اقتراب كدر الكفر وشقاق النفاق، فنزعت لطهارتها عن ظلمات الشرك وفتكات الإفك، فكان أول ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معه بغير شك، ونزعت نفسه إلى تكسير الأصنام والتماثيل وتطهير المسجد الحرام من الأوثان والأباطيل وتغيير أساليب الشك والأضاليل...
ولم يزل بملازمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيده الله علما حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما نقله الترمذي في صحيحه بسنده عنه: (أنا مدينة العلم وعلى بابها)، فكان من غزارة علمه يذلل جوامح القضايا، ويوضح مشكلات الوقايع، ويسهل مستصعب الأحكام، فكل علم كان له فيه أثر، وكل حكمة كان له عليها استظهار... وحيث اتضح ما آتاه الله تعالى من أنواع العلم وأقسام الحكمة فباعتبار ذلك وصف بلفظة البطين، فإنها لفظة يوصف من هو عظيم البطن متصف بامتلائه، ولما قد امتلأ علما وحكمة وتضلع من أنواع العلوم وأقسام الحكمة ما صار غذاء له مملوا به وصف باعتبار ذلك بكونه بطينا من العلم والحكمة كمن تضلع من الأغذية الجسمانية ما عظم بطنه، فصار باعتباره بطينا، فأطلقت هذه اللفظة نظرا إلى ذلك، هذا هو المعنى الذي أهدته هداة الرواة إلى ألسنة الأقلام...
إن لفظة (بطين) هي فعيل، ولفظة فعيل معدولة، فتارة يكون معدولة عن فاعل كشهيد وعليم عن شاهد وعالم، وتارة عن مفعول كقتيل وجريح عن مقتول و مجروح، وتارة عن مفاعل كخصيم ونديم عن مخاصم ومنادم، وتارة عن مفعل كبديع وعجيب عن مبدع ومعجب، وإذا كان محال ما يكون معدولة عنه و أقسامه مفعل فتكون لفظة بطين ههنا معدولة عن مبطن، وقد انتشرت الأخبار في الأقطار، وظهرت الآثار في الأمصار أن عليا 7 قد حصل على علم كثير ومعرفة وافرة ودارية وافية أظهر بعضا لشمول مصلحة معرفته وعموم منفعته، وأبطن