هذا الخلق أبانة بها منهم ليعرف مكانه وفضله، ولو كان الله تبارك وتعالى أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا! قلت: بلى، فهل بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته لئلا تقول: إن عليا ابن عمه؟
قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل، قال: يا إسحاق! أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسأل عنه؟ قلت: لا، قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك (1).
15 - قال جورج جرداق: (فإن علي بن أبي طالب قد ولد مسلما، لأنه من معدن الرسول مولدا ونشأة ومن ذاته خلقا وفطرة، ثم إن الظرف الذي أعلن فيه عما يكمن في كيانه من روح الإسلام ومن حقيقته لم يكن شيئا من ظروف الآخرين ولم يرتبط بموجبات العمر، لأن إسلام علي كان أعمق من ضرورة الارتباط بالظروف إذ كان جاريا من روحه كما تجري الأشياء من معادنها والمياه من ينابيعها (2).
16 - قال العلامة الشيخ خليل: (ويوم جهر النبي بدعوته كان علي أول الناس إسلاما، وأسبقهم إيمانا، بل الواقع الصحيح أنه عليه السلام لم يكن أول الناس إسلاما، و أسبقهم إيمانا، بل كان أول الناس إعلانا لاسلامه وجهرا بإيمانه لأن ذينك الإسلام والأيمان كانا كامنين في أعماق قلبه في كل كيانه يعيشهما بعمق وتأمل و هو في كنف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يستمد منه هديا وإيمانا تماما كما يستمد القمر من الشمس نورا وضياء، وإذا لعلى قدر ما لم يقدر لسواه من البشر... (3).
17 - قال محمد بن طلحة الشافعي: (لما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشرفه الله سبحانه وتعالى بالنبوة كان علي يومئذ لم يبلغ الحلم وكان عمره إذ ذاك في