فإن قالوا: وما تنكرون أن يكون ذلك منه بالتأديب كما يكون ذلك منا إلى أطفالنا على جهة التعليم؟
قلنا: ذلك من قولكم غير جائز وإنما ذلك يكون منا عند تمكن الإسلام بأهله وعن ظهوره والنشوء والولادة عليه، فأما في دار الشرك والحرب فليس يجوز ذلك، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ليدع ما أرسل به، ويقصد إلى دعاء الأطفال والدار دار شرك وكفر، فيشتغل بالتطوع قبل أداء الفرض [و] ذلك عنه صلى الله عليه وآله وسلم منفر، وما باله لم يدع طفلا غير علي بن أبي طالب وليس في السنة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام، ويفرق بينهم وبين آبائهم قبل أن يبلغوا الحلم.
فإن قالوا: إن عليا قد كان يألف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوافقه على طريق المساعدة، قلنا لهم: وإن كان يألفه فلم يكن إلفه [به] بأكثر من [إلفه] أبويه وإخوته وعمومته و أهل بيته، ولم يكن الألف مما يخرجه عما نشأ عليه وغذي به، ولم يكن الإسلام مما غذي به وكثر على سمعه إلى آخر ما قال (1).
10 - قال المحقق المتضلع، الشيخ محمد باقر المحمودي - جزاه الله عن صاحب الولاية خير الجزاء - في هامش الكلام المذكور: (ولأبي جعفر، في رده على عثمانية الجاحظ هيهنا أدلة فطرية وأبحاث وجدانية يصدقها كل عاقل سلمت فطرته، ولم يعقد قلبه على بغض الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ومشاقة الحقائق، وآثرنا أن نذكر ههنا جملا منها قال: (وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه، ولم يلصق بأشكاله، ولم ير مع الصبيان في ملاعبهم وهو كأحدهم في طبقته، كبعضهم في معرفته؟ وكيف لم ينزع إليهم في ساعة من ساعاته فيقال:
دعاه نقص الصبا وخاطر من خواطر الدنيا، وحملته الغرة والحداثة على حضور لهوهم والدخول في حالهم؟ بل ما رأيناه إلا ماضيا على إسلامه، مصمما في أمره،