محققا لقوله بفعله، وقد صدق إسلامه بعفافه وزهده، ولصق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بين جميع من [كان] بحضرته، فهو أمينه وأليفه في دنياه و آخرته، وقد قهر شهوته، وجاذب خواطره، صابرا على ذلك نفسه لما يرجوه من فوز العاقبة و ثواب الآخرة...
ثم لينظر المنصف وليدع الهوى جانبا ليعلم نعمة الله على علي عليه السلام بالإسلام حيث أسلم على الوضع الذي أسلم عليه، فإنه لولا الألطاف التي خص بها، و الهداية التي منحها له لما كان إلا كبعض أقارب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهله، فقد كان ممازجا له كممازجته، ومخالطا له كمخالطة كثير من أهله ورهطه، ولم يستجب أحد منهم له إلا بعد حين، ومنهم من لم يستجب له أصلا...).
وساق الكلام في تسمية من استجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن لم يستجبه من عشيرته - إلى أن قال -: (فكيف ينسب إسلام علي عليه السلام إلى الألف والتربية والقرابة و اللحمة والتلقين، والحضانة والدار الجامعة، وطول العشرة والانس والخلوة، و قد كان كل ذلك حاصلا لهؤلاء أو لكثير منهم، ولم يهتد أحد منهم إذ ذاك؟ بل كانوا بين من جحد وكفر ومات على كفره، ومن أبطأ وتأخر وسبق وجاء سكيتا وقد فاز بالمنزلة غيره.
وهل يدل تأمل حال علي عليه السلام مع الانصاف إلا على أنه أسلم لأنه شاهد الأعلام، ورأي المعجزات، وشم ريح النبوة، ورأي نور الرسالة، وثبت اليقين في قلبه بمعرفة وعلم ونظر صحيح لا بتقليد ولا حمية ولا رغبة ولا رهبة إلا فيما يتعلق بأمور الآخرة (1).
11 - قال عبد الكريم الخطيب: (وأكثر الذين ينازعون في أسبقية علي في الإسلام لا يعتدون بالسبق الزمني وإنما نراهم قد يسلمون به ولكنهم لا يرون إسلام