ومن زعموا ردتهم إن ماتوا على الارتداد - كما هو ظاهر هذه الأخبار - لم يكونوا من الصحابة لأن من مات مرتدا ليس بصحابي عندهم، وإن تابوا وماتوا مسلمين لم يكونوا ممن يؤخذ بهم ذات الشمال، ويحال بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يرادون (أي الذين قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة) بتلك الأخبار على كلا الوجهين، ولا يرد علينا النقض بمن أنكروا النص على أمير المؤمنين عليه السلام ودفعوه عن الإمامة حيث نقول بارتدادهم و نسميهم مع ذلك بالصحابة لأنه لا يشترط عندنا في إطلاق اسم الصحابي على الشخص بقاؤه على الأيمان، بل لا يشترط فيه إلا تحقق الصحبة لا سيما مع بقائه على صورة الإسلام (1).
أقول: قد سبق في الصفحة 356 تحت الرقم ج رواية عن موطأ مالك مصرحة بانقلاب أبي بكر ونظرائه على أعقابهم، قال العلامة جلال الدين السيوطي في تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك المطبوع في هامشه: (قال ابن البر: هذا مرسل عند جميع رواة الموطأ ولكن معناه يستند من وجوه صحاح كثيرة)، يعني أن مضمونه موافق لصحاح كثيرة وهي أخبار الحوض، وهذا الحديث دليل محكم على أن ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام شامل لكل الصحابة إلا مثل همل النعم (1) لا أهل الردة الذين هم أهل البادية، وهم ليسوا بمرتدين حتى على رأي