سببية نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يقتضيه الترديد في الآية بين الموت والقتل، فإن ما وقع يوم أحد إنما هو لزعم القتل، وقد فهم ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فيما رواه ابن عباس قال: (كان علي عليه السلام يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تعالى يقول: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله (1)، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه، ووليه، وابن عمه، و وارث علمه، فمن أحق به مني (2)؟) وأما السنة: فنحن لا نذكر منها إلا أخبار القوم - كعادتنا - لتكون حجة عليهم، فمنها، ما هو كالآية الشريفة في الدلالة على ارتداد الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كروايات الحوض، ولنذكر منها ما هو صريح بارتداد الأمة إلا النادر ثم ذكر رواية البخاري المذكور في ص 358، - ثم قال: (فهذه الرواية قد دلت على ارتداد الصحابة إلا القليل الذي هو في القلة كالنعم المهملة المتروكة سدى، وقد عرفت أن الصحابة لم ترتكبوا ما يمكن أن يكون سببا للارتداد غير إنكار إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، فلا بد أن تكون الإمامة أصلا من أصول الدين.
ومنها: الأخبار المستفيضة الدالة على أن من مات بلا إمام مات ميتة جاهلية، و نحو ذلك، فتكون أصلا للدين البتة، كرواية مسلم في باب - الأمر بلزوم الجماعة من كتاب الامارة عن عمر قال: (وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).
ومنها: الأخبار الكثيرة التي ناطت الايمان بحب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم والكفر