قال: (أنا قسيم النار والجنة)؟ قال أحمد: ما تنكرون من هذا الحديث؟ أليس روينا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق)؟ قلنا: بلى، قال:
فأين المؤمن؟ قلنا في الجنة، قال: فأين المنافق؟ قلنا في النار، قال: فعلي قسيم النار والجنة (1).
وقال ابن المنظور في (اللسان) في مادة قسم: في حديث علي: (أنا قسيم النار) قال القتيبي: أراد أن الناس فريقان: فريق معي وهم في الهدى، وفريق علي وهم على ضلال كالخوارج، فأنا قسيم النار، نصف في الجنة معي، ونصف في النار. و قسيم فعيل في معنى مقاسم، كالسمير والجليس (2).
وقال ابن الأثير في (النهاية) مثله مع تقديم وتأخير.
أقول: قال هؤلاء: لما كان موالوه عليه السلام من أهل الجنة، ومبغضوه من أهل النار، كأنه عليه السلام بهذا الاعتبار قسيم النار والجنة، وهذا المعنى لا يطابق الأخبار الواردة فيه عليه السلام، بل يستفاد من أكثر الأخبار أنه عليه السلام بنفسه الشريفة قسيمها لا باعتبار الموالين والمعادين، هلم معي أيها المنصف القارئ أن ننظر الأخبار مرة أخرى، ونمعن النظر فيها، ثم اجعل نفسك قاضيا. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كما نقلناه مفصلا -: (وإنك تقرع باب الجنة، وتدخلها بغير حساب) و (وإنك تنقر باب الجنة وتدخلها بغير حساب)، و (علي أميني على مفاتيح رحمة ربي)، و (ألقيا في جهنم من أبغضكما وكذبكما)، و (إن جهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه)، و (واتركي هذا وخذي هذا)، (وإن شاء يذهب جهنم يمنة، وإن شاء يذهبها يسرة)، و (ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق)، و (علي آخذ بزمانها)، و (يقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار)، و (يا علي، قلت للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي، وهذا لك).