يدعونهم إلى الله تعالى ويحذرهم عذابه، وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط، ولا يتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم، وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان لوط وإبراهيم نبيين مرسلين منذرين، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به ويحذرهم قومه، قال: فلما رأي قوم لوط ذلك منه قالوا له: إنا ننهاك عن العالمين لا تقري ضيفا ينزل بك، ان فعلت فضحنا ضيفك الذي ينزل بك وأخزيناك، فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم امره مخافة أن يفضحه قومه وذلك أنه لم يكن للوط عشيرة، قال: ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقعان نزول العذاب على قومهم، فكانت لإبراهيم وللوط منزلة من الله تعالى شريفة وان الله تعالى إذا أراد عذاب قوم لوط أدركته مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيؤخر عذابهم. قال أبو جعفر عليه السلام فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضى ان يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليهم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل فدخلوا عليه ليلا يفزع منهم وخالف أن يكونوا سراقا، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا (قالوا سلام قال سلام إنا منكم وجلون قالوا لا توجل انا رسل ربك نبشرك بغلام عليم) قال أبو جعفر عليه السلام: والغلام العليم هو إسماعيل بن هاجر، فقال إبراهيم للرسل أبشرتموني على أن مسني الكبر، فبم تبشرون؟ قالوا: بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين، فقال إبراهيم: فما خطبكم بعد البشارة؟ قالوا: انا أرسلنا إلى قوم مجرمين، قوم لوط انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين. قال أبو جعفر عليه السلام: فقال إبراهيم للرسل ان فيها لوطا، قالوا: نحن اعلم بمن فيها، لننجينه وأهله أجمعين إلا امرأته قدرنا انها لمن الغابرين، قال: فلما جاء آل لوط المرسلون، قال: انكم قوم منكرون، قالوا: بل جئناك بما كانوا فيه قومك من عذاب الله يمترون وأتيناك بالحق لتنذر قومك العذاب وانا لصادقون فاسر بأهلك يا لوط إذا مضى لك من يومك هذا سبعة أيام ولياليها بقطع من الليل
(٥٤٩)