وقع الخلط في كثير من كلماتهم من المعنيين، نظرا إلى وقوع هذا التعبير بعينه في روايات القاعدة تارة في المعنى الأول، وأخرى في المعنى الثاني، وقد ذكرنا ان المعنى الأول راجع إلى " مقام الثبوت " والثاني إلى " مقام الاثبات "، وحيث إن البحث تم مستوفى في المقام الأول فنتكلم الان في المقام الثاني.
وحاصله: انه لاشك ان الأمانة بمعنى عدم الغصب كافية في نفي الضمان، فلو كان التسلط على مال أو منفعة باذن من المالك، أو بإجازة من الشارع، ولم يحصل من الانسان تعد وتفريط في حفظه لم يكن ضامنا، سواء كان ثقة مأمونا أو فاسقا كذابا.
ولكن إذا حصل الشك في أنه خان في الأمانة أو لم يخن، وتعدى فيها أو لم يتعد، وفرط أو لم يفرط فهل يقبل قوله مطلقا؟ أو إذا كان له بينة؟ أو يكفي اخباره إذا كان ثقة، وهذا أمر آخر يرجع إلى الشك في المصداق، وانه داخل في عموم القاعدة أو خارج عنها، وبعبارة أخرى هذا من قبيل الشبهة المصداقية للمخصص.
واللازم ان يتكلم فيه أولا بحسب القواعد وثانيا نبحث عن النصوص الواردة في هذا المعنى في الأبواب المختلفة فنقول ومن الله التوفيق والهداية.
انه قد يتوهم الرجوع إلى أصالة البراءة عن الضمان هنا بعد عدم جواز التمسك بعموم العام بالشبهات المصداقية للمخصص.
كما أنه قد يتوهم ان مقتضى الاستصحاب، وأصالة عدم التعدي والتفريط عدم الضمان، لكن يشكل الأول بان المقام ليس مقام البراءة، بل الأصل في الأموال كما عرفت كونها محترمة الا باذن مالكها أو الشارع الذي هو مالك الملوك، وحيث لا نعلم أن التلف كان بتعد وتفريط أو لم يكن، فعلى الاخذ اثبات كونه مأذونا غير متعد ولا مفرط.
ولذا لا نجد أحدا من العقلاء يكتفي بقول الأجير ان متاعك الذي كان عندي ضاع، أو سرق من غير إقامة دليل عليه، ولو أمكن ذلك كان لكل أجير ومضارب