على المكث هنا؟
ومن هنا يظهر ان قاعدة التسلط بذاتها قاصرة عن شمول الصورة الرابعة من صور المسألة. حتى مع قطع النظر عن ورود أدلة لا ضرر، فدليل لا ضرر هنا تأكيد اخر على هذا الحكم.
والوجه في جميع ذلك أن تسلط المالك على ماله ليس الا كسائر الاعتبارات العقلائية، لها حدود وشرائط معلومة، لا يتعدى منها، فانتفاع المالك بماله لابد أن يكون في هذا المجال فقط.
إذا عرفت هذا يبقى الكلام فيما إذا تعارض ضرر المالك والجار، فيما لا يخرج تصرف المالك في ملكه عن الحدود العقلائية. وكذلك إذا لزم من ترك تصرفه فوت منفعة منه، من دون ورود ضرر عليه.
فالأول مثل ما إذا رفع جداره على جانب جدار جاره بما يتضرر منه كما إذا أوجب انخفاض قيمة داره، مع أنه إذا لم يرفع المالك جداره تضرر من ناحيته، أو فات بعض منافعه.
ففي الصورة الأولى الذي هو من باب تعارض الضررين تتساقط قاعدة لا ضرر من الجانبين، لأنه من باب المنة على العباد، ولا منة في اضرار بعض المؤمنين بنفي الضرر عن بعض آخر، وحينئذ يرجع إلى قاعدة التسلط.
واما في الصورة الثانية فتتعارض قاعدة لا ضرر مع قاعدة التسلط، ولكن المرتكز في الأذهان، بل قد عرفت دعوى الشهرة أو الاجماع من الأصحاب، على تقديم قاعدة التسلط والظاهر أنه ليس من باب التعبد ووصول روايات خاصة إليهم لم تصل إلينا، بل من ناحية ان منع المالك عن التصرف في ماله إذا ينتفع به منفعة معتدا بها خلاف المنة، فلا يدخل تحت قاعدة لا ضرر، وإذا سقطت تلك القاعدة لم يبق الا قاعدة تسلط الناس على أموالهم.