عن إتيان العمل بكيفية اعتقدها السائل، فقال عليه السلام: (لا بأس بذلك) مثل أن يقول: شككت في كذا ففعلت كذا، أو سهوت عن كذا فأتيت بكذا، أو كان في ثوبي كذا ففعلت كذا، فأجاب الأئمة عليهم السلام في أمثال ذلك بالصحة، حيث كان عمل السائل باعتقاده موافقا للواقع، ولو كان العمل بغير طريق تعبدي باطلا وإن وافق الواقع لما كان ينبغي هذا الجواب، وكان ينبغي أن يقول: أعد هذه الصلاة، ولكن بعد ذلك افعل كما فعلت.
واحتمال كون السائلين عالمين بالحكم عن طريق معتبر مستبعد جدا، إذ الظاهر أنهم كانوا يعتقدون ذلك من القرائن ومما رأوا غيرهم من المتشرعين يعملون كذلك، وإلا فلا وجه لكونهم عالمين على طبق حجة شرعية ثم كانوا يكررون السؤال.
وهذه الروايات وأمثالها كثيرة لا يخفى على من راجع أبواب الفقه.
ومما يؤيد ذلك جواب الأئمة عليهم السلام إذا خالف عمله الواقع بالإعادة، فإنه كاشف عن كون عملهم على حسب معتقدهم لا عن حجة شرعية.
وخامسها: ما هو المعلوم من ملاحظة الأخبار المذكورة ومن ملاحظة طريقة المسلمين كون بناء المسلمين خلفا وسلفا على ذلك، فلو كان مع ذلك يجب القضاء لانتشر من الأئمة عليهم السلام الأمر بذلك (1) ولاشتهر ذلك بين الأصحاب بل المسلمين قاطبة، لعموم البلوى، وقل ما يتفق شخص يعمل باجتهاد أو تقليد من أول بلوغه، مع أنه لم نجد مما يدل على لزوم القضاء حينئذ عينا ولا أثرا.
وسادسها: أن وجوب القضاء مع ذلك موجب للعسر والحرج الشديدين المنفيين في الشرع بالنصوص القطعية وبالإجماع كذلك، وقد تقدم تحريره (2).
وسابعها: أن ثبوت القضاء فرع صدق الفوات، ومن أتى به مطابقا للأمر الواقعي فلا فوات حينئذ أصلا