قصد الامتثال، فالبحث في الحقيقة في أن مادة (الإطاعة) هل هي الإتيان بالإخلاص (1) أو الأعم؟ لا ريب أن الظاهر منها الأول، فيكون الأمر بالإطاعة على هذا الفرض مثبتا لوجوب قصد الإخلاص، فلا وجه للترديد بالتعبد والتوصل، وهذا نظير ما سيأتي - إن شاء الله - في عناوين المعاملات في أصالة اللزوم أن أوفوا بالعقود (2) معناه: العمل بمقتضاها، إن لازما فلازما وإن جائزا فجائزا (3) كما ذكره العلامة رحمه الله في أحد وجهيه (4) أو المراد: العمل بمقتضاها دائما، فيفيد اللزوم. وسنحقق (5) أن مادة الوفاء معناه الإبقاء (6) فإذا أمر بها (7) فقد أمر باللزوم، أي: إبقاءه على حاله وعدم فسخه، وكذلك فيما نحن فيه متى ما كان معنى الإطاعة: الانقياد والتعبد بفهم العرف فالأمر بها (8) أمر بالإخلاص في كل أمر، وهو المدعى.
وخروج النواهي عن ذلك غير قادح لو سلم حصول الامتثال بمجرد الترك لقيام الدليل عليه، ولا يلزم خروج الأكثر، لقلة النواهي في جنب الأوامر جدا.
ولو حمل (أطيعوا) على خلاف ظاهره لا يلزم حمله على القدر المشترك بين التعبد والتوصل - أي: الإتيان مطلقا - لوجود المجاز القريب، وهو التصرف في الهيئة وإرادة قصد التقرب من المادة أعم من الوجوب والندب، فيكون الأول في الأوامر والثاني في النواهي.
والحاصل: لا دليل على ارتكاب خلاف الظاهر هنا أبدا.
كما أن معارضة الأوامر الخاصة مع عمومها أيضا ممنوعة، لأنها أيضا ظاهرة في التعبد، ومع تسليم الأعمية فعموم الآية وارد عليها كما مر نظيره