التخصيص من (1) ذلك بعيد جدا، فيفهم من الآية إرادة كون الضابط عندهم ذلك، بمعنى: أن أهل الكتاب كانوا بانين (2) على حمل كل أمر ورد عليهم على التعبد وجوبا، والأصل بقاء حكم هذه القاعدة، وعدم ارتفاعها [إلا] (3) بما يدل على خلافها.
وثالثها: أن مع قطع النظر عن ذلك كله نقول: إن العرف لا يفهم من ذكر هذه الآية الشريفة إلا كون شريعتنا مثل شريعتهم في ذلك، وليس المقصود منها الأخبار عن طريقة أهل الكتاب، كما هو واضح (4).
ورابعها: أن قوله تعالى بعد ذلك: وذلك دين القيمة يدل على إرادته استمرار هذه الطريقة ولزوم الأخذ بها، والبناء على التعبد في الأوامر، وهو الحجة، فاندفع الإيراد من أصله.
وقد يقال: إنه لو كان المراد بالآية منع الأغراض في الأوامر سوى التعبد والإخلاص (5) لكان هذا موافقا لمذهب الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح عقلا (المثبتين لهما شرعا) (6) لاستلزامها كون التعبد والإخلاص تابعا للأوامر غاية لها، مع أن الحق أن الأوامر تابعة للحسن الذاتي وليست لمحض التعبد.
وهذا الكلام فاسد، لكون (7) مساق الآية الانحصار في التعبد والإخلاص في مقابلة الشرك والكفر، بمعنى: أن الأمر تعلق لأجل العبادة مع التوحيد دون الشرك، لا لأنه تعلق لمحض التعبد لا للحسن الداعي إليه، مضافا إلى أن غاية ما يستفاد من ذلك أن الأوامر للتعبد، وذلك لا يستلزم كون التعبد لمحض الأمر، لأن من