الخاص على العام لمزيد الخصوصية والاهتمام، لا مانع منه، وذكر هذه الثلاثة في مقام الغاية لا يستلزم الانحصار بكل واحد حتى لا يكون له معنى، بل الظاهر الحصر على المجموع، فيصير المعنى: أن الأوامر غايتها هذه الثلاثة، وحيث إن الأخيرين داخلان في التعبد، فينحصر الغاية فيه بالمآل وإن تعدد لفظا.
[وذلك] (1) مع أن جعل اللام بمعنى الباء أيضا يوجب ما ذكر من المحذور، إذ الأمر بالعبادة يشمل الصلاة والزكاة، فلا وجه لذكرهما، مضافا إلى أن ذلك أيضا مثبت للمدعى، إذ معناه: أن المأمور به ثلاثة وكلها تعبديات، فليس مأمور به غير العبادة، مع أنه لا بد أن يراد بالعبادة المأمور بها الأعمال التي يتعبد بها، وإلا فالأمر بالعبادة من دون ما يتعبد به غير معقول، ولا يمكن أن يكون ذلك الصلاة والزكاة، لظاهر المغايرة، فيصير المعنى: ليس المأمور به إلا أمور يتعبد بها والصلاة والزكاة، وهو عين المدعى، إذ [ليس] (2) المقصود عدم كون المأمور به توصليا - وهو مفاد هذا الحصر - إلا ما خرج بالدليل.
وأورد أيضا: بأن الحصر إنما هو في الإخلاص وعدم الشرك، لا في جهة التعبدية والتوصلية، بمعنى: أن المراد لم يتعلق بهم أمر إلا للعبادة مع الإخلاص دون الشرك، لا أنه لم يتعلق أمر توصلي.
ويندفع: بأنه لو كان هناك أمر توصلي فلازمه جواز الإتيان به ولو من دون إخلاص، إذ المقصود الحصول كيف كان، والمفروض أن الآية نفت ذلك وحصرت الأمر في طلب الإخلاص، وهو مناف لوجود الأمر التوصلي بظاهره.
نعم، قد يقال: إن القطع بوجود التوصليات بالإجماع والضرورة يمنع العمل بظاهر الآية، فإما [أن يلتزم ب] (3) أن الحصر ليس بمطلق، أو [أنه] (4) مخصص بغير التوصليات، وكلاهما لا يمكن المصير [إليه] (5) لأن مساق الآية الحصر