المطلق، ولا يمكن جعل ذلك إضافيا، وإخراج التوصليات تخصيص للأكثر مستهجن، فلا بد من حمل كلمة (ليعبدوا) على التعبد بالمعنى الأعم، أي: سواء كان بلا واسطة أو معها، فالتوصليات أيضا داخلة فيه، فتخرج حينئذ عن الدلالة.
والجواب عن ذلك: بمنع كون ذلك تخصيصا، وإنما هو تقييد يجوز (1) وإن كان الخارج أكثر من الداخل، مضافا إلى أن حمل (يعبدوا) على هذا المعنى مناف لسياق الآية منافاة واضحة، بعيد عن الفهم غاية البعد، منافر لقوله تعالى:
مخلصين له الدين كل المنافرة، فحمل ذلك على معناه وإخراج التوصليات بالتقييد أو كون التخصيص هنا مبنيا على الأنواع دون الأفراد والتعبدي نوعا (2) ليس بأقل من التوصلي - مع أنه الظاهر من الآية بحسب السياق - أولى وأليق، وفي البحث مجال واسع.
ومنها: قوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (3) بتقريب: أن الإطاعة إتيان للمأمور به على قصد الإطاعة والانقياد، وذلك واجب بمنطوق الآية فكل أمر صدر من الشارع يجب فيه الإطاعة بمعنى الإخلاص، وهو المدعى.
ودعوى: أن الإطاعة معناها الإتيان بالمأمور به في الجملة، لا الإتيان به على وجه الإخلاص - كما ترى - يأباها (4) العرف والذوق السليم، كما أن القول بأن الإطاعة: الإتيان به على وجهه إن تعبديا فتعبديا وإن توصليا فتوصليا، ساقط جدا، نظرا إلى أن المراد ليس التمسك بهيئة الأمر في إثبات ذلك حتى يقال: إنه معلق على معلومية حال الأمر، بل الاستدلال إنما هو بمادة (الإطاعة) وهي مثبتة للتعبد بظاهرها، بمعنى: أن الأمر وإن كان أعم، لكن قوله: (يجب الإطاعة) يفيد