كان، وبهذا الاعتبار لا يجعلون خصوص المخاطب قيدا، بل يجعلونه موردا، ولو اتفق مقام لم تقم قرينة على الإرادة مطلقا، فلا ريب أنهم يحكمون من ظاهر الخطاب بالمباشرة.
ولا ينافي ما ذكرناه ما ذكره الفقهاء في باب الإجارة ونحوها: من جواز إعطاء الأجير العمل لغيره [من متعلقاته وتبعته] (1) ما لم يشترط المباشرة، إذ لعل ذلك من جهة جريان العادة في الأعمال، والاطلاقات على ذلك (2) كما حققنا ذلك في باب الإجارة. ولو فرض عمل لم يجر له عادة بإعطائه على (3) غير الأجير وكان موردا للشك في الجواز والعدم فلا نسلم فتواهم بجواز التسليم إلى الغير، للإطلاق، وذلك واضح.
نعم، رجح الشيخ الوحيد الأستاذ (4) - دام ظله - أن المباشرة مورد لا قيد، ومقتضاه عدم لزومها ما لم يدل عليها دليل من خارج، واللائق إعطاء التأمل حقه حتى يتضح الأمر، فإن الجرأة على مخالفته دونها خرط القتاد! ويؤيد ما ذكرناه اقتضاء اللغة ذلك أيضا، فإن ملاحظة مفردات الأمر بصيغته من هيئة ومادة قاضية باعتبار المباشرة. وما يتوهم من أعميته (5) من اعتبار قصد التقرب يندفع بأن ظاهره في اللغة استحقاق تاركه العقاب، والآتي بالمأمور به لا على قصد الإطاعة وإن لم يكن تاركا حقيقة، لكن يعد تاركا حكما، ويذمه العقلاء باعتبار فهم العقل أن الذم في الترك الحقيقي لعدم الإطاعة فكذلك في الترك الحكمي، والقاعدة الشرعية أيضا على كون المأمور به عبادة مؤسسة (6) - مضافا إلى الأصل اللفظي