وإن كان المراد مع ملاحظة الخصوصية، فلا يمكن انطباق ألف على واحد في الذهن أيضا كالخارج، إذ الأفراد المتصورة في الذهن متمايزة متباينة لا يعقل اجتماعها في واحد.
ونجيب عن الأول: بأنه يكفي في كون الخصوصية معرفة كونها متضمنة للكلي وأمارة له، إذ لا ريب أن مجرد ملاحظة الفرد يؤدي إلى تصور الفرد الملحوظ، وحصوله في الذهن مستلزم لحصول، إذ ليس تصور زيد إلا الإنسان المتميز بكذا وكذا، وهذا معنى الأمارة والمعرف، كما ذكرنا: من أن المراد به ما كان علة للوجود في الذهن.
لا يقال: إن تصور الفرد غير مستلزم لتصور الكلي بكليته، نعم، ينتزع الكلي بعد ملاحظة أفراد كثيرة.
لأنا نقول: ليس المراد من حصول الطبيعة في الذهن حصولها في الذهن بقيد أنه كلي، إذ قيد الكلية مباين للجزئية، بل المراد أن حصول الفرد معرف للطبيعة المطلقة، لا للكلي من حيث هو كلي، وبينهما فرق واضح.
ونجيب عن الثاني: بأن الأمر كما تقول، لكن ليس المراد بالانطباق ما فهمت وأن هذا يمكن في الخارج وفي الذهن، بل المراد أن الخصوصيات المتصورة يمكن انسلاخها وزوالها عن الذهن مع بقاء الطبيعة، فإن من رأى ألف فرد من السواد له تجريد ذلك كله عن الخصوصية، بحيث لا يبقى في الذهن صورة غير الطبيعة الواحدة، لا أن الخصوصيات ملحوظة والطبيعة معقولة، لكن نرى أنها بعد قطع النظر عن خصوصياتها يرجع إلى ذلك، بل المراد انتفاء ذلك بالمرة مع بقاء الطبيعة في الذهن، فتكون الخصوصيات مفيدة للحصول في الذهن بعددها، مع أول الأمر إلى زوال الخصوصيات وبقاء الطبيعة التي هي المعرف الواحد.
وهذا غير ممكن في الخارج، إذ زوال الخصوصيات وانسلاخها مع وجود الطبيعة غير ممكن، وهو المراد بالانطباق المزبور.