والشفعة، أو شرط أحدهما خيارا دون الاخر - فيقوم هنا وجوه:
أحدها: تقديم جانب الصلح، نظرا إلى أنه ينحل ما ذكر في البيع إلى أنه عقد ناقص غير ممكن للمشتري تمكينا تاما، لجواز أخذ البائع منه بالخيار والشفيع بالشفعة، فالبيع بالنسبة إلى تمكين المشتري سبب ضعيف، والصلح سبب قوي يعمل عمله، بمعنى: أنهما يشتركان في التمليك، ويزيد الصلح في نفي الخيار وإسقاط الشفعة، فيؤثر كل منهما أثرا مستقلا.
وثانيها: تقديمه أيضا وإن سلم أن البيع مثبت للأمرين، بمعنى: أنه ليس ذلك لنقص في سببية البيع وعدم كونه قاطعا للسلطنة، بل لأنه حكم لحقه وصار سببا في ثبوت ذلك، وإن كان بحسب أصله كالصلح في التمكين، فيرجع ذلك إلى تعارض مقتضاهما، بمعنى: أن البيع يثبت ما ينفيه الصلح، ومع التعارض يقدم الصلح، إما لموافقة الأصل، أو لتساقطهما والرجوع إلى الأصل.
وثالثها: تقديم البيع نظرا إلى أنهما مشتركان في إفادة النقل واللزوم بحسب الأصل، لكن البيع مثبت لحكم آخر من خيار ونحوه، والمثبت يعمل بمقتضاه، وليس في الصلح نفي لذلك حتى يتعارض.
فإن قلت: مقتضى الصلح اللزوم وعدم تسلط الشفيع، فكيف تقول بعدم التعارض؟
قلت: ليس عدم الخيار وعدم تسلط الشفيع من مقتضيات الصلح، وإنما هو من لوازم الأصل الأولي، ولا دخل في الصلح في ذلك، بل هو مقرر له، وأدلة الشفعة والخيار واردة عليه.
فإن قلت: دليل الخيار والشفعة واردة على الأصل في البيع دون الصلح، والفرض أنهما قد اجتمعا في موضوع واحد، وكما أن أدلة الخيار تثبته فالصلح ينفيه.
قلت: بعد اتحاد مورد العقدين وصدق أن هذا مبيع جاء دليل الخيار والشفعة في هذا المبيع الخاص، وكون هذا مصالحا عليه ليس فيه خيار ولا شفعة لا ينفي ما،