بنجاسة أكثر الأشياء بحيث لم يبق محل الشك إلا قليل لا يحكم بنجاسته؟
وبالجملة: ليس ذلك - لو سلمت الغلبة - إلا من الظنون التي لم يثبت حجيته، وهذا ظاهر جدا (1).
أقول أولا: إن هذه المواضع التي عدها للتداخل كما ترى ليس جزءا من ألف جزء من مواقع عدم التداخل، فكيف يدعي منع الغلبة، فضلا عن دعوى المساواة؟ بل في فروع هذه المذكورات ما لا يحصى من مقامات تعدد المسببات، كما لا يخفى على من راجع.
وثانيا: أن باب الأغسال محل خلاف معروف، وباب الحدود لا يخفى على الفقيه ما فيه من المسامحة تفضلا من الله تعالى، وباب الأيمان والنذور مبني على أن من حلف ألف مرة فهو التزام بذلك الشئ، فإذا خالف فهو مخالفة واحدة، والكفارة للمخالفة، لا لليمين، ولهذا لو حلف فخالف ثم حلف فخالف تكررت، وذلك واضح لاسترة فيه.
وثالثا: أن القائلين بالتداخل في هذه المقامات نراهم يتمسكون في باب الوضوء بأن الحدث لا يتبعض فإذا ارتفع واحد ارتفع الكل، ويتمسكون بالإجماع والضرورة، وفي باب الأغسال بالنص، وفي الحدود على الإجماع والنص.
ولو كان هذا على طبق القاعدة فلم لم يتمسكوا بأن الأصل عدم التعدد؟ مع أنه لا نرى للحد مدخلية، فإذا كان الأسباب تتداخل فلم لا تتداخل في قذف جماعة؟ ولم اختص التداخل بقذف واحد مرات قبل الحد ولم يتداخل في قذف أشخاص متعددين قبل الحد؟
وبالجملة: فإنكار الغلبة المتعد بها (2) بحيث لا يلاحظ في جنبه الباقي مما لا ينبغي صدوره عن محصل.
وأما إنكار الحجية، فهو أيضا ممن عرف طريقة فقهائنا لا ينبغي صدوره، لأن